الجمعة، 27 مايو 2011

القرار

الآن فقط انتهت من لملمة أشياءها.. وضعت حقائبها بجوار الباب و عادت الى الداخل.. كانت تنظر الى كل الأركان و الحوائط تفتش فيما تبقى من أشياء عن شئ يخصها.. ورقة .. كتاب .. قلم أو حتى حرف .. كانت تريد التأكد من أنها لن تترك من ذاتها و لو همسة في ذلك المكان تذكره بها.

نظرت جيدا في كل مكان.. لازالت ترى نفسها تشعر بوجودها داخل المكان في كل أركانه هي لازالت موجودة..
هل نسيت شيئا؟.. لابد أنها نسيت شيئا و لكن ما هو؟ راجعت كل شئ..أوراقها..أقلامها..أدوات الزينة خاصتها..ملابسها..كل قصاصة تمت لها بصلة لا شئ بقي .. كيف اذن لازالت تشعر بوجودها هنا.. عادت الى حقائبها فتشتها.. أخرجت ما فيها و أعادته مرات و مرات.. هي لم تنس شيئا واحدا.. و لكن.........
 ما هذا؟  أهي تشعر به داخل حقائبها؟ هل اصطحبت معها شيئا يخصه أو له علاقة به ؟ أعادت تفتيش الحقائب .. لا شئ يخصه لا شئ يشبهه فالأشياء تشبه أصحابها.. من أين يأتيها؟.. لم تشعر به في حقيبتها و تشعر بذاتها في بيته ؟
هل لازالت تريده؟ هل لازالت تود البقاء معه؟ لا يمكن فقرارها كان واعيا و واضحا لم تكن مترددة بين البقاء و الرحيل.. أخذت من الوقت ما يكفيها لتفكر و تقرر لم تجد بداخلها و لو همسة خافتة تتوسلها البقاء لا شئ البته يربطها به بعد الآن.

هل هي الذكريات الطويلة بينهما؟ ربما.. فقد أمضت من العمر معه ما يكفي لأن تعرف فيم يفكر الآن و ماذا يفعل و ماذا سيفعل حين يعود غدا و هي ليست بالبيت كما اتفقا.. أم هو الخوف؟ الخوف من الحياة الجديدة من مواجهة المجتمع و هي مطلقة الخوف من أن تشعر بأنها بحاجة الى أحضانه لتدفئها لتحميها من خوفها.. من ذاتها..( كما كانت تفعل من قبل و كما كان هو معها)..

جلست في ذلك المقعد بجوار فراشهما و أسندت رأسها الى ظهره.. تذكرت أشياء كثيرة.. منها ما جعلها تبتسم ومنها ما قبض ملامحها..ما أكثر ذكرياتهما معا!! و ما أكثر الأوقات التي احتاجت اليه فيها فكان معها كما تمنت و أكثر و كذلك كانت هي معه .. و لكن ما الذي حدث؟ .. ما الذي قتل المشاعر بداخلها؟.. لم لم تعد تشعر به؟.. لم أصبح عذابها الأكبر حين تمتد يده اليها سواء بمداعبة أو بما سواها؟.. لم لم تعد تطيق وجوده في البيت أو حتى سماع صوته؟؟ حاولت كثيرا التغلب على ذلك الشعور الغريب الذي تملكها و أصبح يحيل حياتهما جحيما.. حاولت باستعادة ذكرياتهما الجميلة معا.. و لكن المدهش أن مشاعرها تجاه تلك الذكريات ظلت مسطحة بلا معنى .. أو بلغة العلم.. متعادلة مثل تأثير المياه على ورق عباد الشمس..
حاولت بتغيير المكان.. بالبعد.. بالاقتراب و لكن..لا شئ أطفأ تلك النار المستعرة بداخلها كلما شعرت بتواجده في محيطها.. لا شئ يجدي
حتى في تلك اللحظات لا زالت النيران مشتعلة بداخلها. لكم شعرت بالغيظ و تملكتها رغبة مجنونة في احراق أشياءها حتى لا تراه و لا تشعر به.
 ما الذي أشعل تلك النيران؟
هل يمكن أن يموت الحب؟
 كلا انه لم يمت ولكنه تحول الى شئ بشع لا يمكنها أو يمكنه التعايش معه. لقد تمرد الحب بداخلها أو يمكن القول بأنه تسرطن فبدلا من أن يمنحها السعادة فيم تبقى من أيامها حول تلك الأيام الى جحيم.

نهضت و عادت تنظر الى أركان البيت و تساءلت هل يمكنها أن تعود اليه يوما؟ و هل سيقبلها برغم كل ما فعلت به؟

استدعت البواب ليحمل حقائبها و ألقت نظرة أخيرة على أيامها الماضية ثم أغلقت الباب بينها و بين الماضي و مضت الى حيث لا تدري ماذا ستواجه؟؟

هل ستعود أم أن هذه هي النهاية؟      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق