الجمعة، 15 نوفمبر 2013

رجل

يراهنني أن أبيعه حريتي مقابل أن يملأ لحظات احتياجي لرجل .. هو لم يحاول أن يفم .. هو فقط يسير على الدرب المرسوم .. هو فقط يتحرك من داخل تصوراته المسبقة عن إمرأة تقترب من الأربعين بلا رجل .. هو صورة لذات المجتمع الذي رفضت مليا الخضوع لنمط الحياة الذي يفرضه..

لم يسألني بماذا أحلم .. لم يكن لديه أي فضول ليعرف كيف هي حياتي و لا كيف أتصورها إذا أصبحت زوجة لأحدهم .. كل ما دفعه نحوي هو ذلك الهدف الذي لا يمكن تحقيقه في مجتمع يبدو محافظا إلا بالزواج .. لم يرى مني سوى الأنثى البادية في ملامحي و تفاصيل جسدي .. لم يدفعه نحوي سوى الغريزة التي حدثته أن الملابس تخفي فاكهة شهية يرغب في تذوقها بشدة و ربما يلتهمها بنهم.

كل ما يعرفه كلانا عن الآخر هو الاسم و الشكل و العمل و السن و الصوت الذي ينساب عبر موجات الهاتف .. في محاولة لاستكشافه صادر كلماتي في حلقى معلنا بصوت رخيم يبدو أنه امتلك الحكمة وحده " كلماتك نظرية .. أما الواقع فلا يمكن لامرأة أن تحيا بلا رجل ..هناك لحظات تحتاجين فيها الرجل .. تفهمينني .. " أنا : صمت مطبق .. هو :" أعرف أن حياءك يمنعك من ا لرد" .. أنا (في أعماقي): "ليس حياء أيها المتغطرس إنما هي كلماتك التي تكشف فكرك .. إمرأة تقترب من الأربعين بلا رجل هي صيد سهل". .. يكمل : "دعينا نكمل هذا الحديث عندما نتقابل .. أفضل النظر إلى عينيك و أنا أسألك هذا السؤال" .. أنا: "إن شاء الله .. لابد أن أذهب الآن"  (في أعماقي): "أيها الوغد تبحث عن لحظات الضعف داخل عيني ؟ من أنت لترى ضعفي و احتياجي الذي يشعرك باكتمال رجولتك؟ لست سوى رقم هاتف و صورة بروفايل و صوت أسمعه بين الآن و الآخر".

أستكمل يومي و كلماته تدور في رأسي .. أعيد التفكير فيها مرارا .. أشعر بالإهانة .. يتصاعد حنقي في شكل موجات من الدماء تزيد وجنتي حمرة و تشعل رأسي بالصداع . أحدثني أن أهدأ .. ألا داعي لكل هذا الغضب .. عليّ أن أهدأ .. هو لم يخطئ هو فقط ينفذ السيناريو بحذافيره .. هو ينطق بما عرف و تعلم و خبر في هذا العالم.

قررت أن أمنحه فرصة أن يراني .. أن نتحدث وجها لوجه .. أن ينظر إلى عيني و هو يعيد السؤال و يرى الفراغ اللا منتهي داخل عيني. قررت أن أجيبه وجها لوجه .. أن أخبره أنني لا أبحث عن رجل يشبع لحظات احتياجي إليه .. إنما أبحث عن صديق يحبني و أحبه .. عن رجل أشاركه الحياة .. عن رجل يعرف كيف تكون صناعة الحياة المشتركة .. كيف يضحي و كيف يقدر التضحية .. رجل يقبلني بعيوبي و نزواتي و جنوني و نزقي و حبي للحياة .. رجل يمكنني أن أكون جزءً من حياته و يكون جزءً من حياتي .. رجل حين أنظر إلى عينيه أشعر أني امتلكت العالم و حين آوي رأسي إلى صدره أشعر أنني عدت إلى حيث أنتمي .. نعيد قصة الخلق الأولى معا.

و حينما انتهيت من كلماتي كانت تعلو وجهه تعبيرات غريب في بلد لا يعرف لغته .. و أسقط في يدي .. ابتسمت .. و اعتذرت عن كلماتي و أنا أنظر في ساعتي .. ثم اعتذرت مرة أخرى لأنني يجب أن أغادر .. حاول أن يتكلم و لكن يبدو أن تأثير كلماتي كان أقوى من أن يتغلب عليه .. مددت يدي و صافحته و انصرفت.

كنت أسير مسرعة .. ربما كنت أخشى أن يلحق بي .. كنت أضحك بين الحين و الحين كلما تذكرت وجهه بعد أن ألقيت عليه كلماتي دفعة واحدة دون توقف .. "هل تسرعت؟ ربما و لكنني لست نادمة .. فهو بأي حال لم يترك بداخلي أي أثر و لم يكن ليفعل ذلك مستقبلا .. فأنا أعرف نفسي جيدا. " و ابتسمت و أكملت طريقي إلى شاطئ البحر لأملأ صدري برائحته رغم برودة الجو و رغم الرذاذ المتطاير بفعل الرياح .. كنت أتمنى أن تمطر أيضا.

أعلم أن ما أحلم به لا ينتمي لهذه الأرض التي نسكنها .. ربما ينتمي لأرض أخرى لم تطؤها قدمي قط .. أعرف أن ما قاله لا ينم عن ضحالة فكر و لا عن سوء ثقافة أو أدب .. إنما هو اتساق مع ثقافة و نمط المجتمع .. ما لا أعرفه هو لم كنت أنا المختلفة؟ .. و لم أحببت اختلافي هذا و غذيته حتى صار اغترابا؟

أحتسي قهوتي الصباحية و أنا أطالع بريدي الإلكتروني .. مر شهر منذ لقائنا و من يومها توقف هاتفي عن تذكر رقمه.



الاثنين، 30 سبتمبر 2013

مجالات أخرى لذاكرة السمكة - الخلافات الأسرية

يبدو أن تمتعنا بذاكرة السمكة لا يعبر فقط عن ذاكرتنا تجاه أحداث و شخصيات و مواقف عامة، و إنما يتجاوزها إلى حيواتنا الشخصية و تجاربنا الحسية الخاصة جدا و هذا هو أحد أسباب وقوعنا في نفس الأخطاء التي وقع فيها من عبناها عليهم أو من تسببت أفعالهم في إيلامنا.

فنحن ننسى الزلازل التي عشناها في طفولتنا حينما كان يحتد أبوانا أو يتشاجران فيما بينهما .. ننسى ذلك الخوف الذي يعتصر قلوينا الصغيرة و ذلك الإحساس بالخطر المهدد بالانهيار الوشيك الذي يكون مجرد خيال و لكنه يصبح خطرا محققا في نظر طفولتنا البريئة المتحسسة لخطواتها مستندة إلى هذين الكيانين الداعمين اللذين - فيما يبدو- نسيا وجودنا أو تناسياه و تفرغا لصب غضبهما و احباطاتهما في شكل حمم و هزات أرضية تزلزل أركان ملاذنا و تصنع في جدرانه تشققات تؤلم نفوسنا و قلوبنا الصغيرة.

هل نتذكر تلك اللحظات؟ هل نستحضر الأثر النفسي لها علينا؟ هل نذكر مشاعرنا المضطربة، الخائفة، الحزينة؟ هل نتذكر الخوف و القلق من انهيار القلعة ؟ هل نذكر شعورنا بأن الرياح العاصفة بينهما تقتلعنا من أرضنا لتتركنا في صحراء قاحلة؟

هل تتذكرون تلك اللحظات القاسية على النفس؟ بالطبع لا .. لأنكم لو تذكرتموها لحظة انفعالكم و تبادلكم إطلاق الصراخ و الاتهامات و أحيانا الشتائم و في أحيان أخرى الصفعات لتوقفتم في التو اشفاقا على أبنائكم من كل هذا الألم الكامن في نفوسكم مما فعله آباؤكم.

إحباطات الحياة، الضغوط المادية، ضغوط العمل و الالتزامات الاجتماعية كلها أمور تدفعنا أحيانا لارتكاب أمور لم نكن نتوقع أن نفعلها في يوم ما، و لكننا في النهاية بشر و في النهاية لا فكاك من المشاجرات و المشاحنات بيننا مهما اقتربت أو ابتعدت علاقاتنا
لا يمكننا أن نقرر أن نتوقف عن الشجار ، و لكن يمكننا أن نجنب صغارنا هول هذه المواقف بأن نؤجل نقاشاتنا التي تنبئ بعاصفة لحين نخلو في حجرتنا و نغلق الباب دون آذانهم الصغيرة و أصواتنا الهادرة بالغضب.

لا داعي لأن ننتج جيلا يحمل بداخله آلامنا و قلقنا و خوفنا و إحساسنا المتنامي بعدم الأمان. 

رفقا بأنفسنا و بأطفالنا.


الأحد، 15 سبتمبر 2013

تغريدات أدبية 23

التغريدة الثالثة و العشرون 

صـمـت

الصمت هو مرادف الموت إذا عشش في رأسك ..فتصمت أفكارك و كلماتك و روحك 

..تفقد ذلك العالم ذو الألوان و البهجة و الأصوات و النور ليسكنك صمت القبر و ظلمته



الأربعاء، 10 أبريل 2013

تغريدات أدبية 22

التغريدة الثانية و العشرين


في احدى لحظات تأمل الذات .. اكتشفت أنها قضت عمرها تخشى آراء الآخرين فيها و فيما تفعل .. فكانت النتيجة أنها لم تفعل شيئا أبدا.

الثلاثاء، 9 أبريل 2013

تغريدات أدبية 21

التغريدة الحادية و العشرون

نِعمَةُ الصمم

أحيانا آتمنى لو أصبت بالصمم، فلا أسمع ما يؤلمني من كلام .. و استشعر شيئا من هدوء  نفسي المفقود في زحام حياة رغم كثرة بهرجها و ألوانها تبقى بلا طعم و لا متعة . 

تغريدات أدبية 20

التغريدة العشرون
ممحاة

في دروب النفس أمكنة حيث تكمن شرور النفس و آلامها..  أتمنى أحيانا لو امكنني محوها .. و لكني لم أجد الممحاة 
المناسبة .

الخميس، 28 مارس 2013

تغريدات أدبية 19

التغريدة التاسعة عشر


حَـكْـيٌ

للحكي سحر و غواية تجنبتهما طوال عمرها ... ففي الحكي تجرد يصل إلي حد التعري .. و أقصى ما كانت تخشاه تكرار الفقد بنهاية الحكي و التكشف.





تغريدات أدبية 18


التغريدة الثامنة عشر

إنسحاب 



بعض الحب إدمان ... تظهر آثار انسحابه على جسدك هالات تحت العين، ارتعاشة في اليد، نحول و ألم مرتسم على ملامحك يقرأه الجميع و لا يستطيعون تفسيره

الأربعاء، 27 مارس 2013

تغريدات أدبية 17


التغريدة السابعة عشر

خرس


في البداية توقفت الكلمات عند أطراف شفتي ثم أخذت في التراجع .. اليوم تتوقف الأفكار عند أطراف 
خلاياي العصبية و لا تكتمل .. رويدا رويدا سيخرس كل شيء و تعود صفحاتي كلها بيضاء



تغريدات أدبية 16


التغريدة السادسة عشر

أرق

في غرفتها المغلقة المظلمة إلا من الضوء القادم من أعمدة الإنارة بالشارع.. تجلس وحيدة بعد أن انتصف الليل .. انتهت من كل أعمالها و أعبائها المنزلية و ما تكلفت به من واجبات لكل فرد من أفراد أسرتها .. و رغم الاجهاد فالنوم مستعص عليها .. أرضتهم جميعا و لكن .. هل رضيت هي؟

تغريدات أدبية 15



التغريدة الخامسة عشر

حلم

رأيتك و رأيتني .. كان المطر يطاردنا و نجري متعانقين ضاحكين .. واستيقظت في صحراء شديدة الحرارة .. تلفت حولي أبحث عنك .. لم أجدك فعدت للحلم من جديد.


الثلاثاء، 26 مارس 2013

تغريدات أدبية 14


التغريدة الرابعة عشرة

أمـل


بريق عينيها الخضراوين .. دفء صوتها الضاحك .. لمسة يديها الحانيتين .. قلبها الذي يسع من الحكايات ألف ألف .. يمنحونك في كل يوم أملا .. رغم البكاء الصامت الكامن خلفهم. 


تغريدات أدبية 13



التغريدة الثالثة عشرة

فـراق

كانت هاهنا إلى جوار قلبي .. دفأتني ضمتها.. كنت أظنه شعورا ذهب بلا رجعة و لكن ها هو يعود بقربها إلى صدري .. و ها هو إحساس الفقد و انفطار القلب يتجدد بذهابها إلى من وهبتها و تهبها في كل يوم من نفسها جزءا.


الأحد، 24 مارس 2013

تغريدات أدبية 12



التغريدة الثانية عشرة


انــفـصــام

يقترب دون حد التورط ... يفكر مليا و يعيد حساباته .. لستُ حقا من يريد أن يقتني في بيته .. إنما يكفيه منّي ذلك الهلام الكامن داخل رأسي الذي لا شك يعجبه و مساحة الفضفضة التي أوفرها له كلما ضاقت به الدنيا  - أما في لحظة الاقتناء فسيبحث عن نسخة جدته الحديثة .


السبت، 23 مارس 2013

تغريدات أدبية 11


التغريدة الحادية عشرة

رقـصــة

كلما قمت للرقص محاولة الفكاك من دائرة الحزن المخيمة على روحي رأيت عينيك تطارداني فاثّاقلت إلى الأرض و أبى عليّ جسدي الاستمرار .. كأنما وُهِبتُ الرقص لأمتعك وحدك و حين ذهبت ذهب معك بلا رجعة.


الجمعة، 22 مارس 2013

تغريدات أدبية 10


التغريدة العاشرة

سحـر الاسـتـدارة

للاستدارة سحر لا يقاوم .. و السير في دوائر لا يحمل سوى ضياعات متتالية ، فالدائرة محكمة لا تنفصل .... و البدء هو النهاية . ما إن تدخلها لا يمكنك الفكاك منها .. و كلما حاولت الهروب أطبقت جدرانها هنيهة مستنفدة من حياتك زمنا لا تعلمه علك ترتدع حفاظا على البقية التي قد لا تكون سوى وهم الأمل بداخلك. 


تغريدات أدبية 9


التغريدة التاسعة

صـفــاء


رغم أن أسوأ مخاوفي هي الوحدة و لكنها تبقى ملاذي للاستمتاع بشيء من الهدوء في صخب هذا العالم .. حين أفكر بعمق أجد الليل و الوحدة أصدقاء لحظات الصفاء.


تغريدات أدبية 8


التغريدة الثامنة                                              

حــلـــم

انتشلني من الواقع .. حلق بي في آفاق بألوان قوس قزح و ملمس المخمل و طعم اللوز .. أعادني لطفولتي .. و لكن ... دقت الساعة السابعة صباحا وحان وقت الواقع الأليم.

تغريدات أدبية 7


التغريدة السابعة


دقـاتُ قلـبٍ


ما بين صعود و هبوط هي دقات القلب .. و لكن .. ليست كل الصعودات صعودا حقيقيا و لا كل الهبوطات هبوطا حقيقيا .. و يبقى التأرجح بين الشك و اليقين !!!

الخميس، 21 مارس 2013

تغريدات أدبية 6


التغريدة السادسة


تأمل حزين

يكمن الألم في مكان ما من الضحكات ... يقلل بهجتها .. و يتسلط أحيانا عليها فيحولها إلى انفراجة شائهة تتحول إلى نشيج يعيد رسم 

قسمات وجهك .. لتصحو في يوم فتراك سواك.


تغريدات أدبية 5


التغريدة الخامسة

ألـــم

تتصاعد موجات الألم .. تبلغ الذروة .. يكاد قلبي يتوقف عن النبض .. ينتهي إحساسي بالحياة .. أتخيلني مت .. و قبل أن أستقر أعود إلى حيث بدأت .. و تعود الكرّة .


الأربعاء، 20 مارس 2013

تغريدات أدبية 4


التغريدة الرابعة

بـدايــة

 طمأنتني أنها بداية جديدة .. و لكنها لم تخبرني أبدا أن بعض البدايات هو بداياتٌ لنهايات .. و كانت هذه إحداهن


تغريدات أدبية 3


التغريدة الثالثة

ارتيــــاح





أُسْلِم جسدي للمياه .. تغمرني .. أنفصل عن الجميع .. أنعزل .. و مع كل موجة تنسحب عن جسدي يفارقني جزء من ألمي







تغريدات أدبية 2

التغريدة الثانية

مَـوْقِــف
يقاوم البقاء بين ذراعي .. يبتعد بكل ما أوتي من قوة .. يتعثر .. يقع .. يتألم .. يبكي .. أحمله بين ذراعيّ .. يهدأ ثم لا يلبث يعاود المقاومة ليبتعد.

الثلاثاء، 19 مارس 2013

تغريدات أدبية 1


التغريدة الأولى

فَـقْــدٌ



أتصفح وجوه المارة .. أبحث عن وجهك في وجوههم .. أتخيلهم جميعا أنت .. و يقتلني تكرار الألم.