الخميس، 30 يونيو 2011

أميرة القلوب

                     في الخيال شيدت لنفسها ألف قصر و قصر، توجت نفسها أميرة على القلوب و ملكة على العقول.
امتلأت خزائنها و حجرات قصورها بقلوب و قلوب و لكن لم يلج حجرتها أي منها... هامت حول حدائقها و أبراج قصورها عقول و عقول حاولت المروق عبر الممرات و النوافذ الى حجرتها و لكنها عجزت عن ادراكها .. فقد منحت نفسها لقلب و عقل و شخص واحد... بحثت عنه بين قلوبها.. فتشت عنه بين عقولها.. حلمت به و معه كثيرا، منحته كل ماتملك.. عاشت معه أجمل لحظات عمرها.. لحظات تختلط فيها اللذة بالألم و تكون قمة الارتياح في قمة العذاب .. لحظات يصعب وصفها و يستحيل وصف أثرها الذي يدغدغ روحها و يصل الى أعمق أعماق نفسها بل الى أعمق أعماق أصغر خلية من خلاياها .. انهارت لديها الحدود الفاصلة بين المشاعر لم تعد تستطيع التمييز بين مشاعرها نحوه هل تحبه أم تكرهه هل تفرح بلقائه أم تحزن.. أصبحت تبكي في قمة سعادتها و تضحك في قمة أحزانها.. انها تعشقه بجنون حتى الموت.. لم تعد تستطيع احتمال بعده عنها.. لم تعد تحتمل السعادة المستمدة من الخيال ، تمنت لو تحقق خيالها. لو أتاها ذلك الفارس الذي نسجت صورته في أحلامها..

آه لو أتاها .. يومها ستتخلى عن كل قصورها .. و تطلق صراح كل قلوبها .. وتنفض عنها كل العقول الهائمة حولها ستكون له وحده.. هو فقط من يستطيع الولوج الى حجرتها .. هو فقط من يستطيع مداعبه خصلات شعرها .. هو فقط من تستطيع أن تبكي و تضحك أمامه.. هو فقط من تستطيع أن تريح رأسها على كتفه.. هو فقط من يستطيع يراها في أشد لحظات ضعفها و احتياجها.. فهو فقط الذي استطاع أن يعزف على أوتار قيثارتها الهادئة لحنه الخاص جدا، الحالم جدا.. ليته يأتيها.. ليته يعلم كم تحترق شوقا للقياه ..

فتحت جميع أبواب قصورها و جميع النوافذ.. أطفأت جميع الأنوار و جلست في شرفتها ترنو الى القمر.. فهو الوحيد الذي يعلم سرها .. سألته طويلا أن يداعب قلبه أن يطبع صورتها في أحلامه.. أن يقض مضجعه و يجعله ينهب الطريق نهبا ، يسير في جميع الطرقات و الدروب باحثا عنها.. سألته أن يدله و يرشده.. أن يصحبه عبر الدروب المظلمة ينير له و يحرسه..

سألته أن يكون أول شاهد على أول لقاء.. أن يكون هو السراج الذي يضيء لها وجهه حتى تراه.. حتى تتلمسه بأناملها لتدرك كل ملمح فيه.. سألته أن يضفي عليها من بهائه.. سألته أن يضىء عينيها بنوره الفضي و أن ينعكس على خصلات شعرها اللامع فيزيده بريقا و جمالا..

سألته أشياء كثيرة كثيرة نسيتها الآن و لكنها لم تنس أبدا أنها لم تسأله أن يجعله لها وحدها.. و ها هي الآن تجلس أمام عشها الصغير تنتظر أن يعود اليها بعدما هجرها لأخرى و هي لازالت ترنو الى القمر.


                                                                       سنــــــــــــــــــاء أبو النـــــــــــــصر
                  
                6/11/1998

      


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق