الخميس، 30 يونيو 2011

الضباب

القت بجسدها المنهك على أرض الغرفة و أسندت ظهرها و رأسها المثقلة بالهموم الى المكتبة .. و ما ان استقرت حتى داهمتها موجة هستيرية من البكاء و النشيج .. كانت تصمت ثم تضحك ضحكة ما ان تبدأ حتى تتحول الى آهة طويلة تتقطع لتصبح نشيجا ينهك قلبها الصغير فتصمت .. ثم.. تعاود الكرة ، مرة ..... فثانية..... فثالثة و هكذا. استمرت على هذه الحال أكثر من ساعة .. و فجأة قامت من جلستها تلك، مسحت أنهار الدموع التي كانت تسري على وجنتيها تتلاقى و تتنافر و لكنها في النهاية متحدة المصدر و السبب..
السبب .. ماهو السبب؟ هي نفسها لا تعرف .. داهمها شعور غريب بالوحدة و الضياع و ... العري........ نعم أحست أنها عارية لا يسترها أدنى ستار، شعرت أن عيون الناس تراها بلا غطاء يستر جسدها و لا حتى نفسها .. فجأة أحست أن مشاعرها و أفكارها و أحلامها وجسدها و كل شئ عزيز عليها .. كل شئ .. منتهك.
نعم منتهك ...........

ظلت تملأ كفيها بالماء و تغرق به وجهها مرات و مرات و هي تئن لتتنفس .. كانت تشعر كمن أفرغ لتوه جوفه من كل ما يحتويه..
ألم رهيب يجتاح رأسها و عظام وجهها، برودة غريبة تسري في أوصالها .. ألقت بنفسها في الفراش لملمت حولها الوسائد و الأغطية محاولة أن تشعر بالدفء و لكن هيهات... ألا بعدا لها .. ضمت احدى الوسائد بشدة الى جسدها علها تشعر بشئ من الدفء.. و لكن بلا فائدة..
في ذاكرتها بدأت تسمع صوت ضحكاته .. و ترى وجهه البرئ الجميل و هو يضحك من مداعباتها و غنائها له .. تذكرت احساسها حين ضمته.. تذكرت نظرات ابيه اليها و هي تلاعبه .. و تذكرت .... لقاءاتهما بعيدا عن أعين الجميع.. مصارحة كل منهما الآخر بأنه يحبه.. تعهد كل منهما للآخر بأن يظلا أصدقاء و أن يحاولا أن يتناسيا ما سوى ذلك .. تذكرت أنها حاولت أن تهرب من حياته أن تفر من قبضته التي تبقي عليها الى جانبه و لكنه أبدا ما سمح لها .. ان قبضته هي قلبها فكيف تتخلص منها ..

عادت دموعها تنهمر بشدة حين مر بخاطرها أن قطار حياتها قد مضى بعيدا و هي حتى الآن بلا وجه برئ يملأ حياتها ضحكات و صراخ .. راحة و قلق.. فرحة و خوف.. كل تلك المشاعر الجميلة التي غالبا لن تمارسها بالكامل يوما..
المسموح به هو القليل فقط.. ليس عليها سوى المداعبة و التدليل ليس من حقها القلق.. الخوف.. الغضب.. لا شئ فيما يخصه سوى اللهو و الملاعبة .. لا أكثر و لا أقل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق